جنيف قادمة والحل (لسورية) ليس على الأبواب

نيسان/أبريل 13, 2016 852

جنيف قادمة والحل (لسورية) ليس على الأبواب

 


احمد مظهر سعدو
مدى سوريا


بينما يتوافد أهل جنيف 3 اليها زرافات ووحداناً، وحيث باتت جنيف قاب قوسين أو أدنى من الانطلاق، وفي سياق التطلع الى ما هو أفضل أداءً مما سبق من جولات غير مباشرة، يبقى السؤال الصعب ضمن كل ذلك، وفي أتونه، هل من الممكن أن تتخلى روسيا وإيران، ومعهما المؤسسة العسكرية ومن ورائها الطائفة، عن رأس النظام، بل هل بات في حكم المؤكد أن تقتنع الولايات المتحدة الامريكية، ومعها إسرائيل، أن الحل قد بات قريباً، وأنه بالإمكان تطبيق مسألة الفترة الانتقالية، والحكومة الانتقالية وهل هي ممكنة التحقق أصلا.
الشارع السوري الذي لاقى ما لاقاه من ظلم وعسف، من قتل وتدمير، لسان حاله يقول: أن كفى دماراً وكفى دماءً، لكن منطقه الداخلي، الملم بتركيبة هذا الحكم السلطوي القامع لشعبه، والحاقد ضد كل مفاصل المجتمع السوري، الذي لا يقبل الانضواء تحت هيمنة الدولة الأمنية والاستبدادية المملوكية، يشير الى استحالة وجود أي اختراق في الواقع التفاوضي الآيل للسقوط، بين الفينة والأخرى، والغارق في عملية مراوحة بالمكان، لا تثمن ولا تغني من جوع.
خاصة بعد هذا الحضور الإيراني العسكري الكثيف، أكثر من ستين ألف عسكري من قوات النخبة في الحرس الجمهوري الإيراني باتت على الأراضي السورية، تقاتل في شمال سورية حول حلب، المدينة الأهم حالياً بالنسبة للنظام ومن يدعمه.
وهذا الحضور الإيراني المتصاعد يبقى أيضاً جزءاً من الصراع مع قوى عربية أخرى على رأسها، المملكة العربية السعودية .. لن يتخلى هو الآخر عن نظام أسدي طائفي راهن عليه طويلاً، وكان رأس حربة في مشروعه الفارسي للمنطقة برمتها، منذ زمن ليس بالقصير.
مصير بشار الأسد كان وسيظل الى فترة ليست بالقصيرة احدى عقد المفاوضات، خاصة في سياق ما يسمى بالمرحلة الانتقالية، حيث أن حكومة جامعة تتكون منها وتضم أعداء الأمس، وبعد أكثر من /400/ ألف شهيد، وما ينوف عن /300/ ألف معتقل، وما يزيد عن /200/ ألف مفقود وأكثر من /14/ مليون مهجر، بين هجرة داخلية وأخرى خارجية، لن يكون الوصول الى حل بين ظهرانيهم، وضمن زواريبهم بالأمر السهل، ولا حتى الممكن أو المتاح، في منظور قريب على الأقل ..
لأن من حق المعارضة، ومن حق الشعب السوري الاصرار على رحيل بشار الأسد، فلا إمكانية لبقائه بعد كل الذي جرى. وقد توضح لكل ذي رؤيا سياسية، أو لكل من له نظرة مستقبلية، أن تفاهماً روسيا أمريكياً، يشير الى تأجيل رحيل أو إزاحة الأسد، حتى أن بعض قوى (الائتلاف الوطني) باتت تقبل ببقائه لفترة ما، في مرحلة انتقالية قد تستغرق سنة ونصف على أقل تقدير ..
كما أن مصير الأسد تقرره – كما يظهر – قوى إقليمية كبرى وهي جميعاً تتصارع على أرض سورية، وهي بالمجمل غير معنية، أو غير مهمومة بمصائر الشعوب بقدر اهتمامها بمصائر مصالحها في الإقليم، وأيضاً حرصها على أمن إسرائيل وحدودها الآمنة مع سورية أولا ومع الآخرين في المنطقة ثانيا ً .
بعد أن ضمنت حدودها مع (حزب الله) في جنوب لبنان، والمندرج سياسياً وأمنياً وعسكرياً ضمن التوافقات الموقعة مع الإيرانيين قبل وبعد (النووي الإيراني) وما أتى بعده.
روسيا ومعها الأمريكان رفضوا الحسم العسكري في سوريا، وعملوا ما يمكنهم لمنعه، وهم يتلكؤون في الحل السياسي، ولا يقومون بأي جهد جدي للدفع به، كما يؤكد الدكتور برهان غليون، بكل صراحة ووضوح.
صحيح أن الحرب مستعرة في ريف حلب الشمالي والجنوبي، وتحقق المعارضة العسكرية انتصارات كبيرة فيها، وكذلك في ريف اللاذقية، وريف حماة، لكن الصحيح أيضاً، أن النظام السوري -ورغم الهدنة-يعلن مؤخراً وعلى لسان ما يسمى برئيس وزرائه (وائل الحلقي) أن سلاح الجو الروسي وقوات النظام يعدان عملية مشتركة لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية حيث قال: (نحن مع شركائنا الروس نحضر لعملية لتحرير حلب، والتصدي لكل الجماعات المسلحة غير القانونية التي لم تنضم الى اتفاق وقف إطلاق النار أو تخرقه).
لكن الروس الذين لا يريدون لجنيف ان تُجهض قبل أن تبدأ، وبالتوافق مع الأمريكان، سارعوا الى تكذيب الحلقي، مؤكدين أن لا اتفاق بينهم وبين الحكومة السورية على استعادة حلب.
هذه الأجواء لا توحي بأن ما هو قادم من مباحثات، أو مفاوضات جنيفية، يمكن أن تُؤتي أكلها، أو من الممكن أن تعد الشعب السوري بحل سياسي تسووي ما. في الوقت الذي مازالت فيه البراميل تنهمر فوق رؤوس البلاد والعباد، وتخلف شهداء وجرحى بين صفوف المدنيين، في جل المناطق السورية، من درعا الى ريف دمشق، الى ريف حمص، وريف حماة، ومن ثم كل ادلب، وكل حلب، التي لا تقع تحت هيمنة النظام، أو ما يسمى بقوات (حماية الشعب الكردي).
والايرانيون مازالوا يرفضون بشكل قاطع أية عملية تقضي بإزالة بشار من الحكم، أو التوصل الى تسوية بشأن مستقبله، بعد أن قويت شوكته في الأشهر الأخيرة بدعم عسكري واضح ومباشر من الطيران الروسي، ومن قوات النخبة في الحرس الثوري الإيراني. ولقد رفض مسؤول إيراني بارز ما وصفه بانه طلب أمريكي بمساعدة طهران في حمل الأسد على ترك السلطة قائلاً: (انه يتعين أن يكمل فترة ولايته، وأن يسمح له بخصوص انتخابات الرئاسة، مثله مثل أي سوري).
علماً بأن الأمريكان مازالوا يمارسون ضغوطا، على الإيرانيين، ليس من أجل عيون الشعب السوري بل من أجل مصالحهم في المنطقة، وليُحصلوا أكثر وأكثر. بعد أن راح يتجه القضاء الأمريكي لمصادرة /22/ مليار من الأموال الإيرانية المجمدة، لتعويض أُسر ضحايا هجمات /11/ سبتمبر، /2001/ في نيويورك، وواشنطن. التي نفذها تنظيم القاعدة، حيث أكدت وثائق محكمة نيويورك على تورط كلا من المرشد (خامنئي)ووزير المخابرات علي فلاحيان، ونائب قائد الحرس الثوري باقر ذو القدر، وعماد مغنية، أحد قادة حزب الله، بتهمة مساعدة منفذي هجمات سبتمبر.
وسط هذه المنعرجات والوقائع تأتي مغامرات جنيف /3/ بنسختها الجديدة، حيث لا أجواء حقيقية تدعو للتفاؤل، ولا اختراقات واضحة المعالم، للوصول الى حلول جدية في الواقع السوري الدموي، والمستمر في نزيفه الى أجل غير واضح في نهاياته.
2016/4/12