خامنئــــــي‮ ‬ونجـــــاد‮.. ‬مــــن‮ ‬يُسقِط الآخــــر؟‮!‬

تشرين1/أكتوير 01, 2011 566

بقلم: صباح الموسوي
تحول صعود جناح الرئيس الإيراني‮ ‬أحمدي‮ ‬نجاد وإمساكه بمقاليد مفصلية في‮ ‬النظام والسلطة إلى عامل قلق شديد لما بات‮ ‬يمثله من خطر على سلطة المرشد

الأعلى علي‮ ‬خامنئي،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬دفع بجناح المرشد إلى مغازلة من‮ ‬يصفهم بأصحاب‮ ''‬الفتنة‮''‬؛ وهم قادة الحركة الإصلاحية الذين تعرضوا إلى قمع شديد على‮ ‬يد جناحي‮ ‬المرشد والرئيس على حد سواء،‮ ‬والهدف من ذلك،‮ ‬حسب رأي‮ ‬المحللين،‮ ‬الأمل في‮ ‬إمكانية إعادة الوصل مع رفاق الأمس ليشكل معهم تحالفاً‮ ‬جديداً‮ ‬يحد فيه من اندفاع جناح الرئيس نجاد الذي‮ ‬بات‮ ‬يطلق عليه تيار الانحراف،‮ ‬وإخراجه من حلبة الانتخابات البرلمانية القادمة‮.

 

‬لكن‮ ‬يبدو أن نجاد‮ ‬لم‮ ‬يعد‮ ‬يعبأ كثيراً‮ ‬بهذا الغزل وهو‮ ‬يسير على خطى ثابتة في‮ ‬مشروعه الثوري‮ ‬المرتكز على نظرية اقتراب ظهور‮ ''‬المهدي‮ ‬الموعود‮'' ‬التي‮ ‬تعارض نظرية خامنئي‮ ‬المستبعدة لهذا الأمر‮. ‬ أحمدي‮ ‬نجاد الذي‮ ‬يدين لخامنئي‮ ‬بوصوله إلى رئاسة الجمهورية‮ (‬في‮ ‬الدورة الثانية على الأقل‮) ‬أخذ في‮ ‬السنوات الأخيرة من دورة رئاسته الأولى‮ ‬يظهر تقربه من فرقة‮ ''‬الحجتية‮''‬،‮ ‬بل أصبح من أقرب المقربين لقادة هذه الفرقة وعلى رأسهم آية الله مصباح‮ ‬يزيدي‮ ‬الذي‮ ‬يوصف بالأب الروحي‮ ‬لأحمدي‮ ‬نجاد،‮ ‬لكن تقارب نجاد من فرقة‮ ''‬الحجتية‮'' ‬لم‮ ‬يثير آنذاك هاجس خامنئي،‮ ‬حيث كانت‮ ''‬الحجتية‮'' ‬تظهر ولائها له وتعمل على مساندته في‮ ‬مواجهة الإصلاحيين وعلى رأسهم الرئيس الأسبق هاشمي‮ ‬رفسنجاني،‮ ‬الذي‮ ‬استطاعت‮ ''‬الحجتية‮'' ‬عزله عن منصب رئاسة مجلس خبراء القيادة الذي‮ ‬كان‮ ‬يشغله،‮ ‬والذي‮ ‬كان مصدر قوة بالنسبة للإصلاحيين لما‮ ‬يشكله هذا المنصب من ضغط على خامنئي‮ ‬باعتبار أن مجلس خبراء القيادة هو المؤسسة الوحيدة المكلفة مراقبة أعمال المرشد وتثبيته أو عزله من مقامه‮.‬ بعد إعلان خامنئي‮ ‬فوز أحمدي‮ ‬نجاد في‮ ‬الدورة الرئاسية الثانية‮ (‬2009‮)‬،‮ ‬والتي‮ ‬شابها الكثير من التزوير والتلاعب وتسببت في‮ ‬اندلاع انتفاضة شعبية عارمة ضدها؛ اهتزت كثيراً‮ ‬صورة خامنئي‮ ‬في‮ ‬أوساط الحوزة الدينية،‮ ‬ناهيك عن أنظار الشارع الإيراني‮ ‬عامة،‮ ‬لهذا أخذ مستشاريه‮ ‬يمارسون عليه ضغوطاً‮ ‬لحمله على إعادة الانتخابات مما تسبب في‮ ‬تخوف فرقة‮ ''‬الحجتية‮'' ‬التي‮ ‬رأت في‮ ‬إعادة الانتخابات خسارة مؤكدة لأحمدي‮ ‬نجاد،‮ ‬لذلك عمدت في‮ ‬نوفمبر العام الماضي‮ ‬إلى تنظيم زيارة لخامنئي‮ ‬لمدينة قم وصفتها السلطات الإيرانية حينها بالتاريخية،‮ ‬وقد عد كثير من المحللين الاستعراض الجماهيري‮ ‬الذي‮ ‬قامت به فرقة‮ ''‬الحجتية‮'' ‬لاستقبال خامنئي‮ ‬خلال تلك الزيارة بأنها كانت رسالة مبطنة من قبلهم‮.‬ وعلى الرغم مما حظي‮ ‬به خامنئي‮ ‬من استقبال جماهيري‮ ‬في‮ ‬تلك الزيارة؛ إلا أنه واجه عدم رضا كبير من أغلب مراجع حوزة قم،‮ ‬مما دفعه عقب تلك الزيارة إلى القيام بعدة زيارة متتالية إلى المدينة،‮ ‬لكنها‮ ‬غير رسمية،‮ ‬اجتمع خلالها بمراجع الحوزة الذين أبدوا امتعاضهم لتقربه من‮ ''‬الحجتية‮'' ‬محذرين إياه من الأهداف الخفية من وراء تنظيم الاستعراض الجماهيري‮ ‬الذي‮ ‬قامت به‮ ''‬الحجتية‮''‬،‮ ‬وقد دفعت تلك اللقاءات بخامنئي‮ ‬إلى أعادت النظر في‮ ‬علاقاته مع‮ ''‬الحجتية‮'' ‬ومع الرئيس أحمدي‮ ‬نجاد الذي‮ ‬بات‮ ‬يمثل ذراع‮ ''‬الحجتية‮'' ‬القوي‮ ‬في‮ ‬السلطة‮. ‬ لقد ركزت‮ ''‬الحجتية‮'' ‬من خلال حاشية أحمدي‮ ‬نجاد في‮ ‬السلطة على الخطاب القومي‮ ‬المخالف للخطاب الرسمي‮ ‬للنظام إلى الحد الذي‮ ‬دفع برئيس مكتب أحمدي‮ ‬نجاد رحيم مشائي،‮ ‬وهو أحد أعضاء‮ ''‬الحجتية‮'' ‬إلى أطلاق شعار‮ ''‬أرينة الإسلام‮'' ‬بدل من الشعار السابق الذي‮ ‬كان‮ ‬يرفعه النظام وهو‮ ''‬أسلمت إيران‮''‬،‮ ‬وكان في‮ ‬هذا الشعار دافعاً‮ ‬قوياً‮ ‬لقرع جرس الإنذار من قبل جناح خامنئي‮ ‬الذي‮ ‬رأي‮ ‬فيه إعلاناً‮ ‬رسمياً‮ ‬لبدء زحف فرقة‮ ''‬الحجتية‮'' ‬للإمساك بمقاليد السلطة كاملة عن طريق نجاد وأعوانه الذين أخذوا‮ ‬يهيئون الساحة لهذا الأمر من خلال نشرهم الواسع لنظرية‮ ''‬قرب الظهور‮'' ‬عبر وسائل متعددة منها أفلام مصورة ومقالات وبيانات وخطابات وتجمعات سياسية وثقافية واقتصادية،‮ ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬إضعاف مكانة خامنئي‮ ‬وإنهاء دوره لاحقاً،‮ ‬ويتهم‮ ‬أنصار خامنئي‮ ‬الشيخ محمد تقي‮ ‬مصباح اليزدي‮ ‬أحد أبرز الشخصيات الدينية في‮ ‬حوزة قم،‮ ‬وأحد قادة فرقة‮ ''‬الحجتية‮'' ‬وصاحب الرأي‮ ‬القائل‮ '' ‬إن طاعة رئيس الجمهورية واجبة كطاعة الإمام المهدي‮'' ‬بالوقوف وراء المخطط الهادف إلى إزاحة المرشد‮.‬ لقد ظهرت المعركة بين الرئيس نجاد والمرشد خامنئي‮ ‬واضحة في‮ ‬مايو الماضي‮ ‬عندما أصر الأول على طرد وزير الاستخبارات حيدر مصلحي‮ ‬وعارضه خامنئي،‮ ‬ومنذ ذلك الوقت والمعركة تتصاعد ضراوة‮ ‬يوماً‮ ‬بعد‮ ‬يوم،‮ ‬وسوف تزداد اشتعالاً‮ ‬عشية الانتخابات البرلمانية المقررة‮ ‬في‮ ‬مارس العام‮ ‬القادم،‮ ‬والتي‮ ‬يسعى كل جناح أن‮ ‬يحسم الأغلبية لصالحه لإزاحة الطرف الآخر والإمساك بمقاليد السلطة منفرداً‮. ‬ إن فتح ملف قضايا الفساد من قبل السلطة القضائية الموالية لخامنئي‮ ‬والتي‮ ‬أدت إلى الآن لاعتقال العشرات من المقربين لنجاد بتهمة التورط في‮ ‬هذه القضايا؛ تهدف حسب رأي‮ ‬المحللين السياسيين إلى تكذيب المقولات السابقة للرئيس نجاد وقادة الفرقة‮ ''‬الحجتية‮'' ‬الذين زعموا حينها أن الإمام المهدي‮ ‬المنتظر أشرف بنفسه على تشكيل حكومة نجاد التي‮ ‬باتت تعد من أفسد الحكومات التي‮ ‬مرت في‮ ‬تاريخ إيران ما بعد الثورة الخمينية،‮ ‬وبذات الوقت تهدف إلى تمهيد الأرضية لإسقاط حكومة نجاد قبل موعد الانتخابات البرلمانية القادمة‮.‬ على ضوء هذا الصراع‮ ‬يبقى التساؤل قائما حول من سوف‮ ‬يسبق في‮ ‬إسقاط الآخر‮.. ‬المرشد أم الرئيس المتمرد؟‮.‬

المصدر:

صحيفة الوطن

آخر تعديل في السبت, 01 تشرين1/أكتوير 2011 18:40