طباعة هذه الصفحة

دراسة سياسية - تاريخ الأحواز المعاصر 1897-2005 (20) مميز

أيلول/سبتمبر 23, 2011 1621
قيم الموضوع
(0 أصوات)

دراسة سياسية- تاريخية تشمل فترة حكم الشيخ خزعل، الى انتفاضة نيسان لعام 2005
محمود احمد الأحوازي
الفصل الثالث


القسم الثاني من الفصل الثالث
الأحواز خلال حكم الإصلاحيين 1996-2007

معروفة للأحوازيين والمتابعين للشأن الأحوازي خاصة والشأن الإيراني عامة، معروفة فترة حكم ما سموا بالإصلاحيين بقيادة الرئيس الأسبق محمد علي خاتمي، وزير الإرشاد للجمهورية الإسلامية في بدايات تأسيسها والليبرالي الذي قاد أنصاره أي "جبهة المشاركة" الجناحين الليبرالي واليساري في البرلمان من نهاية 1996 حتى نهاية عام 2005 قبل ان يهاجم المحافظون مواقعهم السياسية والاستيلاء عليها باستخدام مؤسساتهم الخاصة بالحكم لرفض تأييد صلاحية اكثر من 110 مندوب برلماني مؤكد نجاحهم في البرلمان من أنصار الإصلاح، حيث اصبح بعد ذلك وبعد انتخاب الرئيس احمدي نجاد المحافظ والمؤيد من قبل المرشد الأعلى، أصبحت سلطة المحافظين لا منازع لها حيث أكملوا المحافظون سيطرتهم على كل المؤسسات القانونية-التشريعية والإجرائية-التنفيذية والقضائية وكل المؤسسات الأخرى الأساسية المدنية والعسكرية بالإضافة الى مصادر قوتهم الأصلية التي حافظوا عليها طيلة فترة حكم الإصلاحيين وأهمها لجنة صيانة الدستور ومجلس الأمن القومي ومجلس خبراء النظام وغيرها بالإضافة الى مرشد النظام على خامنئي نفسه.
وكان لنشاط الأحوازيين في الفترة الأولي والتغييرات الثقافية والسياسية التي تلتها على الساحة الأحوازية، الأثر الكبير لخلق التغييرات القادمة التي جاءت بالإصلاحيين للحكم حيث لعب الأحوازيين دورا مميزا في انتصارهم ووصولهم للسلطة مناصرتا لشعاراتهم الانتخابية التي ادعوا من خلالها انهم يضمنون بعض الحقوق لبعض الفئات وأعطوا بعض الضمانات للقوميات وخاصة للعرب بالقيام بتفعيل المواد القانونية الخاصة بحقوق القوميات الثقافية المعطلة (وما زالت). وكانت فترة النشاط السياسي والمشاركة الفعالة في الانتخابات للأحوازيين فترة متقدمة لنشاطهم القادم مع الإصلاحيين بعد فوزهم في انتخابات البرلمان والرئاسة وهذا بين بوضوح دور الأحوازيين الكبير الذي لعبوه لأول مرة للتأثير على مجرى الأحداث على الساحة الايرانية.
وتحرك الشارع الأحوازي بعد عام 1996 بالتزامن مع تولي الإصلاحيين السلطة، وكسب الأحوازيين بعض المقاعد في البرلمان الإيراني وساهموا بشكل مؤثر في التغيير الذي جاء في الوقت الذي كانت فيه السلطة بحاجة للتغيير من اجل ان تعطي منفس للاحتقان الذي حصل خلال الفترة السابقة والذي تسبب بتحرك طلابي وعمالي وشعبي كبير.
ولم تكن تلك الفترة خالية من الصراع بين جناحي الإصلاحيين من العرب، منهم من أراد الإصلاحات لصالح تثبيت الهوية العربية الأحوازية للشعب والأرض والوطن ومنهم من قبل فقط بالهوية العربية (للأهواز) في ظل الجمهورية الإسلامية الإيرانية والذين عرفوا بـ عرب ايران المسلمون. وفي النهاية كانت النتيجة لصالح عرب الأحواز والأحوازيين الذين ناصرهم الشعب بوقوفه الى جانب مطالبهم القومية وهذه كانت نقطة الفصل بين الاثنين حيث اتخذ الشارع الموقف الوطني القومي الرافض لما كان يسمى بـ "عرب ايران" وبذلك استبدل الأحوازيين شعبيا وجماهيريا وإعلاميا اصطلاح عرب إيران بـ " الأحوازيين" أي " عرب الأحواز" وذلك قبل انتهاء الفترة الثانية لرئاسة خاتمي حيث اصبح الأحواز وطن الأحوازيين، هو الذي يناضلون من اجله وكانت ذروة هذا التحول انتفاضة 15 نيسان 2005 الجماهيرية التي رفع فيها الأحوازيين أعلام الأحواز على تراب الوطن ضمن تظاهرات جماهيرية غيرت وجه ايران وعرفت العالم بالقضية الأحوازية الى حد كبير بسبب حجم ألمواجهه وعدد الشهداء الذين سقطوا ونجاح الأحوازيين على الساحة الدولية بإيصال صوت شعبهم للعالم مع وجود التعتيم الإعلامي الذي حاول الحفاظ عليه واستمراره النظام الإيراني ومعارضيه من العنصريين الفرس على حد سواء.
كما وكان التغيير ملموسا في مناطق اخرى من ايران في هذه الفترة من حكم ما سموا بالإصلاحيين حيث فتحت أبواب عدة للعرب وللقوميات غير الفارسية الأخرى للتحرك من اجل إحياء الثقافة القومية وان كان ذلك محدودا على ما أراده النظام لها فقط، لكن الشعب الأحوازي سار بالطريق الذي أراده هو حتى الإمكان حيث طور ووسع من حركته خلال هذه الفترة وان واجه بعض النكسات واعتقل عدد غير قليل من ناشطي الشعب الأحوازي السياسيين بهذا السبب.
الواقع، ان الأحوازيون بدئوا فترة الإصلاحيين قبل بدئها من قبل الإصلاحيين أنفسهم حيث ساندوا الإصلاحيين في نجاحهم بالانتخابات التشريعية والرئاسية وبشروط وتوافقات مسبقة واستثمروا فرصة نجاح الإصلاحيين وتطور بعد ذلك نشاطهم الثقافي الى ثقافي-سياسي ومن ثم سياسي ذات طابع قومي وأخذت الفنون الأحوازية طابعا نضاليا في زمن قياسي ساهم في تأجيج النضال التحرري.
ومشاركة الأحوازيين في المنافسة بين الإصلاحيين والمتشددين كانت ذو جدوى حيث وان قصد قادة النظام منها أشغال الناس بديمقراطية مزيفة وأجنحة اكثر تزييف، لكن الأحوازيين استثمروا الفرصة وأججوا المنافسة لصالح القضية الأحوازية وطرحوا شعاراتهم القومية لتحريك الإحساس الوطني في الشارع ولتثبيت الهوية العربية للأحواز، وبهذا قد طوروا الأحوازيين الحركة لتتجاوز أهداف السلطة من المنافسة السياسية لتياراتها، حيث أصبحت الأمسيات الشعرية والأدبية الحماسية سمة الفترة الأولى لرئاسة خاتمي وفي الفترة الثانية كان للأمسيات لونها القومي الثائر والوطني، اصبح تحرير الشعب بشكل مباشر وغير مباشر هو واجهة هذه الأمسيات في أناشيدها أو في شعرها أو حتى في الزي الذي يلبسه الرجال والنساء من الشباب للحضور في الأمسيات. كما وكان في هذه الاجتماعات الثقافية السياسية الأثر لإخراج المرأة الأحوازية من بيتها لنراها جنب الى جنب مشاركة بشكل مؤثر مع الرجل الأحوازي الثائر والذي اصبح الآن ينادي بتحرير وطنه علنا وخاصة في نهاية دورة خاتمي الثانية واصبحت شوارع الأحواز مليئة بالشعارات القومية والوطنية والعلم الأحوازي رفع اكثر من مرة في هذه الفترة في التظاهرات ورسم على الحيطان في كل الأحياء خصوصا في الأحواز العاصمة. وكانت ذروة هذا التحول انتفاضة 15 نيسان 2005 وهي الشعرة التي قصمت ظهر البعير وكشفت عورة النظام وعورة الإصلاحيين خصوصا حيث واجهوا المتظاهرين السلميين العرب بالنار والحديد واستشهد عدد كبير في هذه المظاهرة التي استمرت لمدة أسبوع دون هوادة.
وتشكلت أحزاب ومنظمات عربية خلال هذه الفترة كانت منها شرعية وقانونية ساندها النظام بعناصره من العرب الذين طالبوا بالعمل بالمواد المعطلة من الدستور التي اشرنا إليها سابقا، وعملت بعضها سرا لإبغاض الشارع بعيدا عن شعارات النظام متحدية كل وسائل قمعه، وطرحت التحرير وحق تقرير المصير الى جانب التنظيمات والأحزاب التي كانت موجودة لكن مجمدة بسبب القمع، وتحركت لتأخذ دورها في الصراع وهاهي اليوم عشرات الأحزاب تعمل على الساحتين الداخلية والخارجية عمدتا تنادي بإسم الأحواز وبتحريره من الإحتلال.
وعملت التنظيمات السياسية الأحوازية الناشطة في الخارج، عملت الكثير لإيصال صوت الشعب الأحوازي للعالمين العربي والدولي حيث في نهاية دورة خاتمي الرئاسية الثانية وصل العمل في الخارج الى ذروته وأصبح العالم بعد انتفاضة 15 نيسان 2005 المعروفة التي راح ضحيتها المئات من الشهداء، يعرف الأحواز شعبا وأرضا ويتعاطف مع نضال الأحوازيين وكتبت الصحافة العربية والعالمية خلال هذه الفترة الكثير عن الأحواز والأحوازيين وطالبت منظمات حقوق الإنسان الدولية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبين حقوق الإنسان(هيومن رايتز واج) ومنظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمنظمة العربية لحقوق الإنسان وكل المنظمات الإنسانية الأخرى عربية ودولية، طالبت برفع الظلم والاضطهاد عن الأحوازيين. و صدرت تقارير من الأمم المتحدة وبعض الدول الكبرى التي طالبت ايران بالالتزام بحقوق الإنسان في الأحواز وصدر قرار بهذا الشأن من مجلس الأمن الدولي بطلب من كندا بعد ما حضر وفد للجبهة الديمقراطية الشعبية للشعب العربي الأحوازي في البرلمان الكندي وشرح مأساة شعبه والشعوب الأخرى في ايران والتقى ممثلها برئيس الوزراء الكندي. كما وتأسست خلال هذه الفترة المنظمات الأحوازية المدنية المتعددة الناشطة في مجالات حقوق الإنسان والإعلام التي لعبت دورا مميزا بطرح القضية على الساحة الدولية. وحضر الأحوازيين وأصدقائهم في تظاهرات أحوازية مستمرة منذ عام 1966، حيث وصلت ذروتها في نيسان وابريل من عام 2005 بعد انتفاضة 15 نيسان وفي كل دول العالم ومنها في بريطانيا، بلجيكا، الدنمارك، السويد، كندا، هولندا وعدد آخر من الدول.
كما وكان هناك عدد من الأحوازيين ظهروا بقوة على التلفزة العربية على الأقمار الصناعية وطرحوا قضايا شعبهم ولعبوا دورا كبيرا في تعريف القضية، مثل ما قامت الجبهة الديمقراطية الشعبية وبعض التنظيمات السياسية الأحوازية بزيارات خاصة الى بعض الدول العربية والى جامعة الدول العربية والتقت بشخصيات وقادة أحزاب وإعلاميين لشرح مأساة الشعب الأحوازي الى العالم العربي وتمت زيارات لبعض السفارات العربية في أوروبا وكان للجبهة لقاءا بـ السيد عمرو موسى وفي مقر الجامعة العربية بنائبه السيد بن حلي وغيره من سفراء الدول العربية الأخرى. واصبحت القضية الأحوازية معروفة لدى السلطات الرسمية الأوروبية والأمريكية وصدرت تقارير مختلفة من وزارات الهجرة والداخلية لهذه الدول حول الأحواز والأحوازيين المشردين كما وصدرت تقارير سنوية عن مأساة الأحوازيين والقوميات الأخرى في ايران من وزارة الخارجية الأمريكية. وكان هناك تحرك واسع ايضا باتجاه مكاتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في جنيف وفي دول عدة والتي كانت هي الأخرى مهتمة بالأحوازيين حيث خرج المئات منهم عن طريق هذه المكاتب الى دول آمنه في أوروبا وأمريكا هاربين من بطش النظام الحاكم في ايران.

بعد هذا الشرح الموجز للأحداث والتغييرات التي أتت خلال ثورة الشعوب في ايران وبعدها، من الضروري معرفة المنعطف التاريخي الذي يعيشه الشعب الأحوازي والأرضية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي يقف عليها الآن... لذلك علينا التعرف أولا على الاوضاع في الاحواز بشكل عام، ثم المتغيرات الإيرانية والإقليمية والدولية الجديدة، وبذلك يميز الأحوازيين مكانتهم في هذه المتغيرات وأهمية قضيتهم في التوازنات الجديدة في المنطقة وفي العالم ... وبذلك نحاول الوصول لرؤية صائبة ودقيقة عن حالنا وحاضرنا وعن المنطقة المحيطة بنا وما طرأ عليها من متغيرات وما تأثير هذه المتغيرات على مستقبل شعبنا سلبا" وإيجابا" وماهي الرؤية الدولية لمنطقة الخليج العربي وإيران والمنطقة عامة والأحواز خاصة في هذه المرحلة، وحينها نتمكن من اخذ النتائج المفيدة، وعلى ضوء ذلك يسهل على المهتمين بالأمر ومتولي النضال الأحوازي اخذ القرارات الصائبة التي تأتي على أرضية من الواقع، متماشية مع مصالح الشعب وتطلعاته.
فمن هذا المنطلق، ومن اجل ان نقترب اكثر من اخذ النتائج المفيدة من هذه الدراسة الموجزة، نتابع محاولتنا مركزين على النقاط التالية:
أولا- معرفة المجتمع الأحوازي من زواياه المختلفة
ثانيا- معرفة الوضع الإيراني داخليا وخارجيا والاحتمالات المستقبلية له.
ثالثا- معرفة الاوضاع الدولية والاقليمية وتأثيراتها الحتمية والمحتملة على مستقبل حركتنا السياسية ونضال شعبنا التحرري.

آخر تعديل في السبت, 07 أيلول/سبتمبر 2013 00:00