سائلا يتسائل هل من المحتمل ، اذا لم تكن أرض الأحواز المسلوبة ، اساسا مليئة بكل هذه الثروات النفطية و الغاز و وفرة المياه و خصوبة تربتها و إمكانية الزراعة بسهولة و نسبة الانتاج بصورة كبيرة و الطقس الملائم فيها و وسعة الأراضي و موقعها الاستراتيجي و المطل على شط العرب و مياه الخليج العربي و مضيق باب السلام " هرمز" ، كان شعبها عاش بهكذا ظروف مأساوية و يعاني ما يعانيه من تهميش و اضطهاد مركب و ذلك على كل الصعد و في الميادين كافة ، و الحرمان الذي وصل إلى درجة ينذر بأعلى درجة من العواقب الخطيرة و نتائجها التي لا يحمد عقباها ، و كل هذا ما نراه يحدث فوق هذه الأرض المعطاء ، و انطلاقا من هذه الحقائق ، فكل المنظمات الدولية بكل فروعها و شعبها دون استثناء ، لديها الصورة الجلية عن الأوضاع المزرية التي تحيط بهذه المنطقة المنكوبة و الشعب الذي يعاني الحرمان و الفاقة و خاصة في العشرون سنة الأخيرة و الذي يمر بظروف جدا صعبة و الذي لم يراها خلال المئات السنين المنصرمة ، أنها عبارة عن ظلم مركب و إجحاف بحق الإنسانية و هي تعيش في الربع الأول من القرن الواحد و العشرين ، عصر التقدم العلمي و البشري و التكنولوجيا و القوانين و المقررات الدولية ، التي تؤكد على حرية الإنسان و كرامته و الحفاظ على البيئة بشكل عام و المواظبة على ثرواته اينما و كيفما كانت و الاهتمام المتزايد بحقوقه و القائمة طويلة و كلها تعمل في إطار موحد ، خدمة للبشرية و دون أي تمييز مهما كانت أسبابه . هنا نحاول أن لا نرجع الى بدايات الاحتلال سنة 1925 ، تجنبا لعدم عرض أحداث تاريخية موثقة ، و علينا ان نكتفي بالتاريخ الحديث و تحديدا نبدأ من ما عشناه و شاهدناه و ما كان يحيط بنا بشكل يومي و مكرر و هو كل سلوكيات و ممارسات سلطة المحتل البديلة ، بعدما استولت على زمام الأمور في كل جغرافيا إيران كما يسمونها ، سلطة استلمت مهام جديدة مضمونها خارطة عمل للكثير من الأعمال المتأخرة التي كانت قد توقفت أثناء الحكم الشاهنشاهي ، و أن على السلطة الجديدة العمل المستمر لتنفيذها حسب البرنامج المرسوم مسبقا و بوتيرة لا تعرف الملل و الكسل ، أنها خلاصة ما تم إهمالها من قبل النظام الشاهنشاهي . الحقد و الضغينة حينما يكونا من خصائص نظام ما ، تجاه شعوب تعيش تحت سلطته ، جبرا و قسرا ، و لا ذنب لها ، الا لأنها تمثل هوية قومية لتلك الشعوب التي في الأصل خطف منها هذا النظام ، أرضها و دولتها و سيادتها ، و عليها أيضا تتحمل جور و أذاه و جبروته و طغيانه ، و الأمثلة لهذه الممارسات اللا إنسانية كثيرة ، في العهد الجديد ، لم تمر شهور قليلة من انتصار الثورة في سنة 1979 ، حتى ارتكب النظام شتى الجرائم بحق الشعوب الغير الفارسية و منها على سبيل المثال و في الأحواز ، التي أدت إلى المجزرة التي عرفت ب الأربعاء السوداء أو مجزرة مدينة المحمرة و الذي راح ضحيتها قرابة الخمسمائة شهيد و اكثر من ألف جريح و آلاف المعتقلين و المغيبين ، و حدثت هذه بعد اندلاع مظاهرات و احتجاجات شعبية سلمية ، تطالب النظام الجديد و جلاوزته ، الكف و التراجع عن معاملتهم السيئة و المضايقات بحق أبناء مدينة محمرة الباسلة ، و التي جوبهت بالرصاص الحي و الرشاشات و بكل انواع السلاح و المطاردات و السجون و الإعدامات ، و هناك في تركمن صحراء كان نصيب الشعب التركماني ، مماثلا إلى حد ما بما تلقاه الشعب العربي و حصة الشعوب الأخرى كذلك . بالرغم من الأجواء البوليسية ، واصل أبناء الشعب العربي نضالهم و مظاهراتهم و احتجاجاتهم الجماهيرية في كل المدن الرئيسية ، حراك يومي في الجامعات و الشوارع و الأسواق و المصانع و الدوائر التي كانت تواجه القمع الوحشي و الاعتقالات على يد القوات القمعية .
شهور قبيل حدوث المجازر بحق أبناء الشعوب المنتفضة ، حدثت فيضانات كبيرة في الأحواز و التي أتلفت مزارع الفلاحين و دمرت المئات من بيوت القرى الواقعة بالقرب من نهر الدز و الشاوور و تسببت بتهجير آلاف العوائل إلى مدينة الأحواز العاصمة و التي تبين حينها ، أنها كانت سيول متعمدة و بتدبير و مخطط مبرمج ، و بعد شهور قليلة من هذه الكارثة التي ألمت بالشعب الأحوازي و التي هي بالحقيقة كانت نتاج أروقة التخطيط الخبيث لدوائر السلطة الحاكمة آنذاك ، بدء الفصل الجديد و هو العدوان العسكري على أراضي و سيادة دولة العراق الشقيق و بدأت معه الحرب المدمرة للمدن الأحوازية و القرى و خاصة تلك التي كانت بمحاذاة الحدود مع الأراضي العراقية مثل مدينة المحمرة و عبادان و البسيتين و الخفاجية و الحويزة و مدن أخرى و أدت إلى نزوح جماعي لملايين من أبناء شعبنا المظلوم ، بعد أن فقدوا بيوتهم و كل ممتلكاتهم و وظائفهم و مزارعهم ، هذا ناهيك عن فقدان المئات من العوائل معيلها و ابنائها ، بين قتيل و مغيب ، و بسبب تعنت النظام الإيراني و على رأسه خميني ، استمرت حربهم المجنونة ثمانية سنوات و كانت النتيجة ، المزيد من تراكم الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية و مجالات أخرى ، المدن الأحوازية و الأرياف قد تدمرت بفعل الحرب و لم يبقى شيء يساعد المواطن الأحوازي النازح أو المشرد على البدء بحياته من جديد ، النظام اتخذ حيلة اللا مبالاة و الإهمال تجاه ما أصاب الشعب من ويلات و كوارث ، و لم يقدم أي نوع من المساعدات للمتضررين من نتائج حربه المدمرة ، عمت البلاد موجه البطالة و ما أفرزت من مصاعب و التي أثرت بشكل سلبي للغاية على حياة المواطنين ، و بالنظر إلى يوميات المواطن الأحوازي ، نجده يعيش تحت ضغوطات هائلة ، خاصة فئة الشباب الذين دخلوا توا معترك الحياة ، أن كان متخرج جامعيا أو من الخدمة الإجبارية في الجيش ، وضع اقتصادي ضعيف ، عدم وجود أي فرص للعمل و أي نوع إمكانية لبناء ذاته و مستقبله ، و في هكذا ظروف صعبة ، لا مجال ابدا للحديث عن تشكيل أسرة ، هذا الحال يشمل أغلبية أبناء الأحواز و بالتالي يؤثر عليه و يضعه في زاوية ، كل الأبواب فيها تكون مغلقة بوجهه و تأخذ به إلى التفكير بالهجرة إلى خارج الوطن ، أن استطاع السبيل إلى ذلك ، أو يبقى شبه ضائع ، فاقد للأمل و قد يتعرض إلى أنواع المخاطر الاجتماعية و النفسية ، و ذلك نتيجة استمرار المحتل الإيراني الذي حاول و لا يزال ان يمارس أبشع أنواع سياسات القهر و التهميش و الاضطهاد بحق أبناء الشعب الأحوازي كافة . سؤال يأتي على بال القارئ و هو ما السر الكامن وراء الأحداث المصيرية و الذي تحدث دوما على أرض الأحواز ، احتجاجات و إضرابات و انتفاضات ، لا تتوقف إلا أن يوقفها القمع و اساليب الرعب و الترهيب ، و كيف أن أبناء الشعب الأحوازي و من خلال نضالهم المستمر ، أثبتوا جدارتهم بامتياز و صاروا يشكلوا الرقم الصعب و الرواد في مواجهة العدوان الإيراني ، في معادلة مقارعة الشعوب الغير الفارسية ، للاحتلال الإيراني و كل مؤسساته الأمنية و الإجرامية ، و في نفس الوقت قاموا و صاروا سببا في إفشال سياسة فرق تسد ، التي استغلها النظام الإيراني عقود متتالية ، بعد أن لم تبقى إهانة و محاولة التقليل من مكانة الشعوب الغير فارسية و معها بعض المكونات الاجتماعية و القومية ، الا و وجهها إليهم ، و من ناحية أخرى ، لم تبقى حيل و مكائد ، لم يستعملها بحقهم ، و على سبيل المثال ، تجفيف الأنهار و الأهوار و البحيرات و المنابع و الموارد الطبيعية و التهجير القسري و مصادرة و اغتصاب أراضيهم و منعهم من حرية البيان و ممارسة تقاليدهم الفلكلورية و عاداتهم و تراثهم و طقوسهم الدينية ، حرق بساتين النخيل و تجريفها و المزارع و العمل الشيطاني على توسع التصحر و الفيضانات و الجفاف المتعمد و ظواهر أخرى ، أدت إلى خسائر فادحة ، دفع أبناء الشعوب أثمانها باهظة ، و سرقة ثرواتهم و تبذيرها و صرفها على المشاريع التوسعية و دعم و تمويل المليشيات التابعة له ، في الدول العربية و الدول الأفريقية و ارسال أموال هذه الشعوب إلى جهات مشبوهة ، لأجل النشاطات الإرهابية و إحداث بلبلة في عدة دول آمنة و هذا الوضع تم و يتم في كل جغرافية خارطة الشعوب المذكورة ، تحت مرمى عيون و مسمع جميع المؤسسات و المنظمات الدولية و المختصة بشؤون حقوق الإنسان ، و لا نرى الا الاعلان عن مواقف ضعيفة و خجولة في نفس الوقت . سيبقى الشعب العربي الأحوازي و أبنائه المرابطين الأبطال و معهم أبناء الشعوب الغير فارسية الأخرى ، في صدارة الأحداث اليومية و التي ستظل تقض مضاجع النظام الإيراني في كل وقت و في كل حين . اللجنة الإعلامية لجبهة الأحواز الديمقراطية ( جاد)