مرت مئة عام على وقوع حادثة تاريخية لا تُنسى،

نيسان/أبريل 18, 2025 103

حينما أصبحت الأحواز محطّ احتلال إيران وبدأت صفحة مؤلمة في ذاكرة الأمة العربية. في تلك الأيام الغابر ة ، كانت الأحواز بمثابة قلبٍ نابض بالتراث والحضارة، تحمل عبق التاريخ وأصالة الشعوب التي سكنت أرضها. ولكن مع مرور الزمن، انقلبت تلك الأرض إلى مسرحٍ لصراعٍ قاس، حيث فرضت قوى خارجية نظامًا جائرًا استنزف مواردها وروحها، مما ترك جرحًا عميقًا لنسيج الهوية العربية.

في خضم هذا الاحتلال، اندفعت قلوب أبناء الأحواز إلى مقاومة مستميتة، مكتسيين دروع الصبر والإصرار، يتمنون أن يعود زمن الوحدة والعزة. كان النضال موجهاً ليس فقط ضدّ الظلم والاضطهاد، بل كان ثورةً في الروح والمعنويات، لتبثّ في النفوس أملاً جديداً بأن الحرية ستعود يوماً لتكون شعلةً تُضيء الدروب المظلمة. لقد أدرك الجميع أن النضال الحقيقي لا يقاس بعدد السنين ولا بالأدوات المستخدمة، بل يقاس بإيمانهم العميق بأهمية استعادة كرامتهم وتصحيح مسار التاريخ.
مرت الأعوام والقرون، وما تزال ذكريات الاحتلال تعيش في وجدان كل من يحلم بلقاء يومٍ تنفض فيه الأرض عنها غبار الظلم. ففي حكاية الأحواز، نجد مرآةً تعكس معاناة الشعوب العربية التي ذاب لهيب القهر في دمائها، ونجد عبرة في كل جرحٍ لم يُلتئم بعد. كان لكل زاوية من هذه البقعة العريقة قصة تروى عن مقاومة لا تنكسر، وعن شعب لم يستسلم رغم الصعاب، معتمدًا على عزيمته وإيمانه بأن الحرية والعدالة هما المطلب الأعلى الذي يستحق تحقيقه.
وقد تداخل التاريخ مع الحاضر في مشهدٍ مؤثر، إذ لم تكن السنوات الماضية مجرد أرقام تُحصى، بل كانت دروساً تعلمت من ألم الفراق ومعاناة الاحتلال. إذ رسمت تلك المئة سنة ملامح واقعٍ يحمل في طياته تحديات جسيمة، حيث اشتدت الفقر وتفاقمت الظلمات التي أسفرت عن اختلالات في النظام الاجتماعي والاقتصادي. لكن في الوقت ذاته، أحيت هذه المحنة روح النضال والثورة بين أبناء الأمة، الذين حملوا هموم أحبائهم وأحلامهم المكسورة في سبيل استرداد حقهم في الحرية.
كانت تلك السنوات شاهدة على صعود قادةَ العرب الذين نادوا بالوحدة والكرامة، مؤكدين أن النضال على أرض الأحواز هو نمطٌ من أنماط النضال العربي العام الذي يشمل الاضطهاد والظلم الذي تفرضه السياسات الاستبدادية. ومن خلال هذا النضال، تجلت عظمة التاريخ العربي في مواجهة المحن، حيث صارت قصص البطولة رمزًا للتضحية والإخلاص في سبيل المصلحة العليا للأمة.
وفي زخم هذه الحكاية الطويلة، بات من الواضح أن الأمم لن ترضَ بأن يستمر استغلالهم، وأن يبقى الضيم طريقاً يسلكه المستبدون. فقد قاوم العرب الظلم رغم التعقيدات السياسية والاجتماعية، مؤمنين بأن الحق لا يمكن أن يُخمد مهما حاولت القوى الظالمة إخفاءه تحت عباءة الأكاذيب. وبهذا الصدد، برزت دعواتٌ فاضلة من كل حدبٍ ونودبٍ لتوحيد الصفوف وإصلاح ما تمزق بفعل مئة عام من الاحتلال والقهر.
و تستمر الأحواز في حمل لواء النضال والتضحية، لتصبح رمزاً لكل ما عانى من استغلال وانتهاكات. وإنها تذكرنا بأن التاريخ مهما طال، يظل ينبض بالأمل والوحدة بين أبناء الأمة الذين لا يعرفون المستحيل حين يتعلق الأمر باسترداد الكرامة. فليظل صوت الحرية معلّقًا في كل زقاق وشارع، ولتنثر بذور الثورة في كل قلبٍ ما زال ينبض بحب الأرض والوطن، حتى يتحقق الوعد بأن الحق سينتصر والظلم سينكسر أمام قوة الإرادة العربية.
رسول حرداني