الأحواز: جرح مفتوح في خاصرة الأمة العربية

آذار/مارس 20, 2025 259

الأحواز، هذا الإقليم العربي العريق الذي رزح تحت نير الاحتلال الفارسي لقرون، يشهد فصلاً جديداً من فصول المعاناة والتهميش الممنهج، فبعد الدمار الذي خلفته الحكومات الفارسية المتعاقبة، وخاصة في ظل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، باتت الأحواز تعاني من تدهور بيئي كارثي، وتغيير ديموغرافي خطير، وتفقير ممنهج للسكان العرب، وتهجير قسري يهدف إلى اقتلاعهم من أرضهم.

إن التدمير الممنهج للطبيعة في الأحواز يمثل جريمة بيئية مكتملة الأركان، حيث تقوم السلطات الإيرانية بتحويل الأنهار إلى مجرد قنوات مائية ملوثة، وتجفيف الأهوار التاريخية التي كانت تشكل رئة الأحواز ومهداً للحياة البرية المتنوعة. كما تعمل على تلويث التربة الزراعية بمخلفات الصناعات النفطية والبتروكيماوية، مما يؤدي إلى تدهور خصوبتها وعجز المزارعين عن زراعة أراضيهم، وبالتالي تفاقم الفقر والبطالة.

أما التغيير الديموغرافي الذي تمارسه السلطات الإيرانية في الأحواز، فيعتبر بمثابة تطهير عرقي هادئ، حيث تقوم بتوطين أعداد كبيرة من الفرس في الإقليم، وتقديم الحوافز والتسهيلات لهم، في حين تفرض القيود الصارمة على السكان العرب، وتمنعهم من الحصول على الوظائف والخدمات الأساسية. كما تقوم بتغيير أسماء القرى والمدن العربية إلى أسماء فارسية، في محاولة لطمس الهوية العربية للأحواز.

إن التفقير الممنهج الذي يتعرض له العرب في الأحواز، يهدف إلى إضعافهم وتهميشهم، ودفعهم إلى الهجرة القسرية. فالسلطات الإيرانية تسيطر على الثروات النفطية الهائلة في الإقليم، وتحرم السكان العرب من الاستفادة منها، في حين تقوم بتحويل هذه الثروات إلى طهران وغيرها من المدن الفارسية. كما تفرض الضرائب الباهظة على المزارعين والتجار العرب، وتعيق نمو القطاع الخاص العربي.

إن التهجير القسري الذي تمارسه السلطات الإيرانية في الأحواز، يعتبر جريمة ضد الإنسانية، حيث تقوم بتهجير القرى والمدن العربية بأكملها، بحجة تطوير البنية التحتية أو إنشاء المشاريع الصناعية، في حين أن الهدف الحقيقي هو تفريغ الإقليم من سكانه العرب. كما تقوم بتغيير ألقاب العائلات العربية إلى ألقاب فارسية، في محاولة لمحو الذاكرة الجماعية للعرب في الأحواز.

واليوم، أصبحت الأحواز مركزاً للقوات الإيرانية، حيث تنتشر فيها المعسكرات النظامية وغير النظامية، التي تستخدم الدين كذريعة لاحتلال أوسع وأشمل. هذه القوات غير النظامية تستخدم الدين والخرافات لجذب أكبر عدد ممكن من سكان إيران إلى الأحواز، في محاولة لتغيير التركيبة السكانية للإقليم بشكل جذري. إن استخدام قتلى الحرب الإيرانية العراقية كذريعة للاحتلال، هو استغلال بشع للدماء والتضحيات، ومحاولة لتبرير سياسات القمع والتهميش.

إن الوضع في الأحواز يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي، لوقف هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، وحماية السكان العرب من التطهير العرقي والتهجير القسري. كما يتطلب دعماً قوياً لحقوق الشعب الأحوازي في تقرير مصيره، واستعادة حقوقه المشروعة في أرضه وثرواته. إن قضية الأحواز هي قضية كل عربي، وهي جزء لا يتجزأ من قضية الأمة العربية في مواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد وجودها ومستقبلها. يجب أن تظل الأحواز حاضرة في ضمير الأمة العربية، وأن تكون على رأس أولويات العمل العربي المشترك، حتى يتحقق للشعب الأحوازي حريته وكرامته واستقلاله.

رسول حرداني