في مشهدٍ من وقائع اليومية والمؤلمة في الاحواز المحتلة والذي تعكس استمرار المعاناة الإنسانية والاقتصادية في الاحواز من قبل الاحتلال الايراني، شهد سوق عبدالحميد (شارع نادري ) هجماتٍ عنيفة من قِبل قطيع قوات الأمن الاحتلال الإيرانية على بائعي الفواكه والبسطات خلال اليومين التالية في تاريخ 6،7 مارس 2025 ،وذلك على الرغم من حصول البائعين على تصاريح رسمية مقابل دفعهم مبالغ مالية للبلدية. لم تكتفِ القوات بإطلاق النار وغاز المسيل للدموع واستخدام الأسلحة العسكرية لتفريقهم، بل قامت بتخريب ممتلكاتهم ومصادرة أدوات عملهم البسيطة، إلى جانب اعتقال عددٍ منهم، وفقًا للتقارير المرسلة.
وتأتي هذا الهجمات الغير إنسانية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأحوازيين، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة الممنهجة التي تتجاوز 50% بين الشباب الاحوازيين بمن فيهم حاملو الشهادات الجامعية إلى العمل في بيع الفواكه أو السلع البسيطة على الأرصفة لتأمين قوت يومهم. إلا أن الهجوم الأخير، الذي وقع في شهر رمضان، يُظهر استهدافًا مزدوجًا: اقتصاديًا من خلال تدمير مصادر رزقهم الوحيدة خاصتاً في شهر رمضان المبارك لتزيد الوضع الاقتصادي اكثر سوءاً .
أشارت مواقع التواصل الاجتماعي ومصادر احوازية إلى أن الهجوم جاء بتزامنٍ مع ضغوط من "أصحاب رأس المال" ذوي الأصول الفارسية المستوطنة في الاحواز ، والذين يسعون إلى إحكام السيطرة على النشاط الاقتصادي، عبر إزاحة البائعين الاحوازيين العزل لصالح مشاريع تجارية كبيرة. هذه الممارسات تُضاف إلى سلسلة طويلة من السياسات الممنهجة التي تُهمش الأحوازيين، وتُصادر حقوقهم المشروعة في العمل والتملك حتى داخل مدنهم الأصلية و وطنهم المحتل .
علي اثر هذا الهجوم لم يقتصر الأمر على مصادر الرزق المؤقتة التي دُمِّرت، بل يتعداه إلى جذور أزمةٍ هيكلية واقتصادية متجذرة . فالكثير من البائعين الأحوازيين المُستهدفين هم خريجو جامعات في تخصصات علمية وأدبية، لكن سياسات التمييز في التوظيف ضدالأحوازيين من قبل الاحتلال الايراني ،تحول دون حصولهم على فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتهم. يقول أحد الناشطين الاحوازيين : الشاب الاحوازي الذي يحمل شهادة هندسة أو طب يُجبر على بيع الخضار في الشارع؛ لأن الوظائف الحكومية والخاصة،تُمنح لأبناء المستوطنين الفرس والقوميات الأخرى.
وفي الوقت الذي لم تعلق فيه السلطات الإيرانية رسميًا على الحادثة، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة تُظهر آثار الدمار والإجرام الحقيقي للاحتلال الأيراني ومن جانبها، دانت منظمات حقوقية احوازية الهجوم، ووصفته بـ"العقاب الجماعي " لشعبٍ يُحارب من أجل البقاء ولقمة العيش، وإن استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين العزل، في الأخص بشهر رمضان المبارك الذي يُفترض أن يكون رمزًا للتكافل، ليس إلا الوجه القمعي والحقيقي لسياسات الاحتلال الايراني في الأحواز .
*كريم حبيب الاحوازي*